كيف أكون قوي الشخصية
الشخصيّة الإنسانية
شخصيّة الفردِ هي المحدد الرئيسي لآليةِ تفاعلهِ مع بيئتهِ، وتكيّفه مع مثيراتها المختلفة، ويظهر بذلك أنَّ الشخصيّة تتجلى في:
مجموعة الصفات، والسمات، والخصال، التي توجد في ذاتِ الفردِ، وكيانهِ، وترافقُ الفردَ بشكلٍ مستمرٍ في جميعِ مواقفه اليومية، بالإضافةِ إلى أنَّها كلُّ ما يميّزُ الفردَ عن غيرهِ، حيث يظهر ذلك على طريقتهِ في تفاعلهِ مع بيئتهِ، وما تحتويه من أفرادٍ، وأحداثٍ، ووقائع، كما أنَّ الشخصيّة تتشكل انطلاقا منِ رغباتِ الفردِ، واتجاهاتهِ الذاتيّةِ، أي أنّها عبارة عن نظام متكامل، وانسجام جميع الجوانب الشخصيّة مع بعضها البعض، وتتكون شخصيّة الفردِ بفعلِ العديدِ من العواملِ كالوراثةِ، ومستوى النضجِ، وطرق التنشئةِ الأسريّةِ، في مرحلةِ الطفولةِ، والخبراتِ المكتسبةِ، وغيرها من العواملِ التي تؤثرُ في بناءِ التكوين الشخصي للفرد
إنَّ الشخصيّةَ القويّةَ هي من أكثرِ الأمورِ التي يسعى الجميعُ لإمتلاكها، نظراً لما يتمتعُ به صاحبها من تمامِ الصحةِ النفسيّة، والاستقرار الذاتيّّ، ومن الشائعِ وصفُ الشخصيّة القويّة بالتسلّطِ، والشدَّة، وفرض الرأيِ، والسيطرة على الآخرين، إلّا أنّ الشخصيّة القوية تكون في أغلبِ الأحيانِ على عكسِ ذلكَ تماماً، فهي لا تهتم بإثباتِ القوّة بأيٍ شكلٍ من الأشكالِ، إلّا أنّها تملكُ القدرة على التفاعلِ مع معطياتِ الأمورِ، والمواقفِ المختلفة بمنطقِ العدلِ، والحكمة، أيّ أنّها الشخصيّة التي تملكُ مهارةَ التحكّم الإيجابيّ بهذه القوة التي تمتلكها، وضبط الاستجابات السلبيّة لها، والتحكم بها.
يعتمدُ تكوين الشخصيّة القويّة على العديدِ من العواملِ، أو المقوّمات التي إذا امتلكها الفرد يصبح من الممكن أن يُطلق عليه صاحب الشخصيّةٍ القويّةٍ، ومن أبرزِ هذه المقوّمات والعوامل، ما يلي:
الثقة بالنفس وقوة الذات تعتبرُ الثقة بالذاتِ قوّة دافعة، التي تُمدُّ صاحبها بالقوّة، والثّقة بالقدرةِ على تحقيقِ الأهدافِ رغم الظروفِ والأحداثِ والتحدياتِ، وبالتالي فإنَّ الفرد الواثق من نفسهِ؛ هو فرد لا يشكُّ في قدراتهِ، ومهاراتهِ، وإمكانيّة استمراريته في الإنجازاتِ والتجارب، وقدرته على خوضِ التحدياتِ، والنجاحِ في التغلبِ عليها، وتقودُ الثقة بالنفسِ إلى تحقيقِ الفردِ لذاتهِ، بالإضافةِ إلى شعورهِ بأهميّة تلبيته لحاجاتهِ الداخليّة؛ التي تدفعهُ إلى السعي المتواصل للنجاح، والإنجازِ، والتقدّم، وتحقيق الطموح الذاتيّ، في جميعِ المجالات الحياتيّة العمليّة، والإجتماعية وغيرها، حيث إنَّ النجاح يمتدُّ إلى النجاح في تكوينِ العلاقات الاجتماعية، والصداقات المختلفة، وإشباع الجانب العاطفيّ، والثقة بالنّفس تعني أن يكونَ الفرد مكتفياً بذاتهِ، وعدم إحساسِه بالنقص تجاهها، وقناعته بأنه ليس بحاجةٍ لتقمّص شخصياتٍ أخرى.
إنَّ عملية اتخاذ القرار كدالك هي عمليّة مهمّة، ومهارة ذاتيّة، لا يقومُ بها إلا صاحبها، أيَّ أنَّه من الواجبِ على الفردِ الذي يسعى إلى إمتلاك شخصيّة قوية عدم السماحِ للآخرين من حولهِ بالتدخّلِ في اتخاذ قراراتهِ، والتأثير فيها، من خلالِ إجباره على التعديلِ عليها وتغييرها، فإظهارُ ثقة الفرد في صوابِ إختياراته، وقراراته يُلغي سِمة الشكِّ، والتردد من شخصيتهِ أمامَ الآخرين، وتفرّد الشخص في اختياراتهِ لقراراتهِ لا ينفي الحاجة إلى استشارةِ أصحابِ الخبرة، والاستفادة من تجاربهم في إثراءِ المعلومات الذاتيّة في مجالٍ معيّن لتدعيمِ عملية اتخاذ القرار بشكلٍ سريعٍ دونَ تردّد.
من مقوماتِ هذه الشخصيّة أيضا أن يمتلكَ الفردُ القدرةَ على إبداءِ ردّاتِ الفعل بشكلٍ متوازنٍ تجاه الآخرين، فالشخصيّة القويّة بمقدورها إثباتُ وفرضُ احترامها، من خلالِ اتخاذ الموقف المنفرد، دونَ الانسياق لمواقفِ وآراءِ الأشخاص الآخرين، فإنَّ الاحترام لا يُصنع من خلالِ مجاراةِ الآخرين في مواقفهم، واتجاهاتهم، وآرائهم ولو كان ذلك يعرّضهم للإهانة والسخرية، فالشخصيّة القويّة هي شخصية تُثبت احترامها من خلالِ المبادرةِ بالأفعال، ورفض الأوامرِ والتعليمات المكروهة، وغير المرغوب فيها إن لم تكن في إطارِ المسؤوليات والمهام الواجب إنجازها، بالإضافةِ إلى القدرةِ على فرض الإرادة الذاتيّة، وتعويد الآخرين على احترامِ أوقاتِ الراحة والترفيه، وعدم مقاطعتها
تعليقات
إرسال تعليق