قصص الأنبياء:نبي الله هود مع قومه عاد
نبي الله هود
أرسل إلى قوم عاد الذين كانوا بالأحقاف، وكانوا أقوياء الجسم والبنيان وآتاهم الله الكثير من رزقه ولكنهم لم يشكروا الله على ما آتاهم وعبدوا الأصنام فأرسل لهم الله هودا نبيا مبشرا.
إرسال هود عليه السلام:
كان “هود” من قبيلة اسمها “عاد” وكانت هذه القبيلة تسكن مكانا يسمى الأحقاف.. وهو صحراء تمتلئ بالرمال، وتطل على البحر. أما مساكنهم فكانت خياما كبيرة لها أعمدة شديدة الضخامة والارتفاع، وكان قوم عاد أعظم أهل زمانهم في قوة الأجسام، والطول والشدة.. كانوا عمالقة وأقوياء، فكانوا يتفاخرون بقوتهم. فلم يكن في زمانهم أحد في قوتهم. ورغم ضخامة أجسامهم، كانت لهم عقول مظلمة. كانوا يعبدون الأصنام، ويدافعون عنها، ويحاربون من أجلها، ويتهمون نبيهم ويسخرون منه. وكان المفروض، ما داموا قد اعترفوا أنهم أشد الناس قوة، أن يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة.
قال لهم هود (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ).
قالوا لهود: كيف تتهم آلهتنا التي وجدنا عليها آباءنا يعبدونها؟
قال هود: كان آباؤكم في غفلة.
قال قوم هود: هل تقول يا هود إننا بعد أن نموت ونصبح ترابا يتطاير في الهواء، سنعود من جديد إلى الحياة؟
قال هود: ستعودون يوم القيامة، ويسالكم الله عن أفعالهم وأعمالهم وما كنتم تعبدون.
وهكذا أعلن هود لهم براءته منهم ومن آلهتهم.وأدرك أن العذاب واقع بمن كفر من قومه. يعذب الله الذين كفروا، مهما كانوا أقوياء أو أغنياء.
انتظر هود وانتظر قومه وعد الله. وبعد مدة بدأ الجفاف في الأرض. ولم تعد السماء تمطر. وهرع قوم هود إليه.يسألونه ما هذا الجفاف يا هود؟ قال هود: إن الله غاضب عليكم، ولو آمنتم فسوف يرضى الله عنكم ويرسل المطر فيزيدكم قوة إلى قوتكم. وسخر قوم هود منه وزادوا في العناد والسخرية والكفر. وزاد الجفاف، واصفرت الأشجار الخضراء ومات الزرع. وجاء يوم العقاب فإذا بسحاب عظيم يغمر السماء. وفرح قوم هود وخرجوا من بيوتهم يقولون: (هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا).
تغير الجو فجأة. من الجفاف الشديد والحر إلى البرد الشديد القارس. وهبت عليم الرياح فسلّطها الله عليهم سبع ليالٍ وثمانية أيامٍ حسوماً، فلم تنقطع عنهم لحظةً أبداً، وكانت كلها ريحاً عقيماً ليس فيها شيء من الخير أو البركة، فلم تلقّح الشجر ولم تحمل أيّ مطر، بل كانت شديدة البرودة، وكان صوتها مفزعاً مرعباً،و قد وصفها الله تعالى قائلاً: ( تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا).
ووصفها أيضاً بقوله: (مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيم)،
وخلفت هذه الريح أضرارا شديدةً وخيمةً على قوم عاد؛ حيث أهلكت كلّ شيء، وكانت تحمل الرجل منهم عالياً ثم تُنكِّسه على رأسه فينقطع عن جسده، حتّى أصبحوا كما وصفم الله تعالى: (فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ)،
وهكذا قُتِلوا جميعاً، فلم يبقَ منهم أحد، وأصبحت مساكنهم خاويةً، لا يُرى من أثرهم غيرها، قال تعالى: (فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْ)،
ثمّ أُتبِعوا في الدنيا لعنةً وفي الآخرة لعنةً، وكانوا عبرةً لمن يأتي بعدهم.
تعليقات
إرسال تعليق